أكتب لكم هذه الرسالة بمناسبة انعقاد حفل تكريم الفائزين بجوائز مسابقة "مغرب بلوغ اواردس" يوم 29 يناير . و أقول في البداية، مبروك لكل الفائزين ومبروك لكم نجاحكم في تنظيم هذا الحدث وقدرتكم على جلب رعاة من الحجم الثقيل مثل القناة الثانية واتصالات المغرب ونوكيا والوزارة المعنية بالتقنيات الحديثة. أردت أن أستفيد من هذه المناسبة للتواصل مع المدونين بالفرنسية والمهتمين بالإنترنت في القطاع العام والخاص لأشرح سبب موقفي المعارض لاستعمال الفرنسية، خاصة على الإنترنت.
لا شك أنكم تعرفون قدرة الإنترنت على المساعدة في إحداث التغيير في المجتمع. لقد شاهدتم كيف استطاع الشباب التونسي استخدام الويب للتواصل فيما بينهم ومع العالم خلال ثورتهم من أجل الديمقراطية. نفس الشيء حصل في إيران ويحصل في مصر وأماكن أخرى في العالم. وتعرفون قدرة الويب في نشر المعرفة وكيف أن ويكيبيديا مثلا دمقرطت الوصول إلى مصادر المعلومات. وكيف مكن الويب كل شخص مهما كان تكوينه الأكاديمي أن ينشر كتاباته وأفكاره وصوره وأفلامه لتكون في متناول أكثر من مليارين من مستخدمي الإنترنت في العالم. أعتقد بأن نتائج ثورة الويب ستكون أكبر من ثورة اختراع آلة الطباعة. لأنه عكس الكتاب أو الجريدة الورقية، تكاليف الوصول إلى المعلومة أصبحت تؤول إلى الصفر.
و بخصوص اللغة، تعرفون بأن الإنترنت انطلق من أمريكا وباللغة الإنجليزية لكن لم يكن ليصبح ظاهرة عالمية لولا استيعابه للغات العالم. لهذا تجد كل شركات الويب الكبرى (مثل غوغل وفيس بوك) تدعم اللغة العربية التي أصبحت ضمن العشر لغات الأكثر استخداما على الانترنت.
عندنا في المغرب مايزيد عن 10 ملاين مستخدم للإنترنت وهذا الرقم يكبر كل يوم، وربما في القريب سيصبح الإنترنت في متناول الجميع كما هو الشأن بالنسبة للهاتف النقال. هذا الرقم الكبير يجعلنا نفكر في اللغة التي يتقنها مستخدمي الانترنت. لم أستطع الوصول إلى إحصائيات حول ذلك ، لكن قمت بعملية حسابية بسيطة، قسمت 10 ملايين مستخدم للانترنت على عدد خريجي البكالوريا في السنة الماضية (حوالي 180 ألف) فكانت النتيجة 125 ، أي يلزمنا 125 سنة لتخريج 10 ملايين شخص. إذن فعكس ما يوهمه البعض فإن أغلب مستخدمي الانترنت لم يكملو دراستهم الثانوية ولا يتقنون الفرنسية. نعم، يمكن لكثير من المغاربة متابعة فيلم أمريكي مدبلج باللغة الفرنسية، لكنه يصعب عليهم إستخدام هذه اللغة في انشاء مدونات مثلا أو في الاستفادة من مواقع الشركات والإدارات التي لا تستخدم إلا الفرنسية.
إنه شىء مخجل أن يكون موقع إدارة عمومية ممول من أموال دافعي الضرائب أو موقع شركة تجني أرباحا طائلة من زبنائها يسخدمون لغة لا تفهما الأغلبية. كما أنه شيء مخجل أن يناقش مغربي قضايا مصيرية تهم الجميع بلغة لا تفهمها إلا الأقلية. لهذا أدعوكم أن تنظروا خارج ناديكم الخاص، لتكتشفوا بأن الإنترنت لم يعد خاصا بالنخبة المتعلمة فقط وبإن من واجبكم جميعا، أنتم المحظوظون الذين استطاعوا إكمال دراستهم بأموال الشعب، أن تساهموا في مشاركة معارفكم معه كل حسب تخصصه.
كفاكم انغلاقا واللي ماقادش على الفصحى يكتب بالدارجة!