لفي عام ٢٠٠٦ أصدرت فرنسا قانونا جديدا للهجرة يشجع ذوي الكفاءات على القدوم إلى فرنسا والعمل فيها، مما حدا ببعض الدول الأفريقية إلى الاعتراض على هذا القانون باعتبارأنه سوف يؤدي إلى تهجير أفضل الخريجين الأفارقة إلى فرنسا بالرغم من حاجة بلدانهم الماسة إليهم. وقد انتقد الرئيس السنغالي القانون الفرنسي قائلا: "سأكون في بلدي كوادر لتطوير الاقتصاد الفرنسي، إن ذلك لأمر عبثي". فما الصلة بين قانون تصدره فرنسا على الصعيد المحلي ورد فعل دولة مثل السنغال؟
الجواب يكمن في اللغة الفرنسية التي تستخدمها السنغال والعديد من الدول الأفريقية الفرنكفونية في التعليم. والحال ينطبق أيضا على الدول التي تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة تدريس. ويلخص أحد الكتاب الغانيين المشكلة بقوله: "إنه لمن السذاجة أن نطالب خريجينا وعلمائنا بالبقاء في بلدنا الفقير إذا كنا نلقنهم علوما لا يمكن تطبيقها إلا في الخارج".
هنا يتضح لنا جليا أحد أخطار التعليم باللغات الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية واللتان تستخدمان في دول يفصلها عنا نحن أبناء البلاد العربية بون شاسع من ناحية التطور. فاستخدام تلك اللغات يسمح لدول مثل فرنسا وأمريكا أن تنتقي أفضل الطلاب الذين درسوا أحدث العلوم التي يصعب تطبيقها في بلادنا المتخلفة، إذ أن هؤلاء الطلاب يدخلون ما يكمن وصفه بالتصفيات التي يتنافسون فيها على حذق ما يصفه كثير من معارضي التعريب بأحدث ما وصل إليه العلم الحديث، فما إن يفرغوا من ذلك فإنهم يجدون أن دولهم ليس بها مجال لتطبيق أحدث العلوم، فيهاجرون وهم الصفوة إلى الخارج غير ملومين مخلفين ورائهم زملائهم من ذوي المستوى الضعيف أو المتوسط. وقد يبقى البعض من تلك الصفوة في بلده، ولكن فؤاده وحياته كثيرا ما يكونان متعلقين ببلد اللغة التي درس بها علومه، فيكون الجسد في واد والعقل والقلب في واد آخر. وفي كلتا الحالتين تكون النتيجة ازدياد الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة لا تضييقها كما يدعي معارضو التعريب.